top of page
Leaves Shadows

بـــاص

  • Writer: مريم الصّفدي
    مريم الصّفدي
  • Jan 23, 2024
  • 4 min read

يبدو عليكَ أنّك من الكليات الطبية، لا؟ هل تدرس شيئًا في جهة الإنسانية؟ آه، حسنًا، غريب، هههه، لا أعرف، شكلك أوحى لي بأنّك تدرس شيئًا هناك، في تلك الجهة من الجامعة، نعم، المهم، هل تعرف متى سينطلق الباص؟ يبدو أنّ السائق ينتظر أن يضطر الركاب لإخراج رؤوسهم من الشبابيك حتى يقتنع بأنه يجب أن ينطلق، هاها، نعم، المواصلات صعبة هنا، لكنّني صرت متعودًا على الحرّ والانتظار، لا بأس، هل تعرف اسمي؟ اسمي بارك جونغ سو، لا لا، بارك هو اسم عائلتي، وجونغ سو هو اسمي الأول، هذا ليس مهمًا، انسَ بارك، نادني جونغ سو، أو نادني محمّد، هذا ما سمّيت نفسي به حين أتيت إلى الأردن، الجميل هنا أنّ هناك أسماءً كثيرة يمكن الاختيار بينها، لكنّني اخترت هذا الاسم لأنه سهلٌ وشائع، أعجبني أيضًا أنّكم تضعون أسماء العائلات في نهاية الأسماء، نحن نضع اسم العائلة في البداية، كيم، بارك، تشانغ، كانغ، يوون، هان، هذه أسماء عائلات معروفة عندنا، عندكم أسماء عائلات كثيرة هنا أيضًا وغير متشابهة، لكنكم تضعونها في نهاية الاسم وهذا هو المهم، مع أنّني لاحظت أنكم في الواقع، تضعون العائلة في البداية، هل تفهم الفكرة؟ نعم، يبدو أنّني أثرثر كثيرًا، لكن هذه الطريقة التي أتعلم بها العربية، ربما تسأل في نفسك: كيف أتقن العربيّة بهذا الشكل الجيد؟ نعم، أنا أتحدث مع المئات كل يوم، حتى إنّني حصلت على عدد كبير من الأصدقاء هنا، كلهم يعرفونني ويريدون دائمًا أن يتصوروا مع "الصّيني الثرثار"، رغم أنّي لست من الصين لكنني أشبههم، في الواقع لقد تعلمت العربية بهذه الطريقة أفضل بكثير مما تعلمت في الجامعة، نعم، مع أنكم لا تتحدثون الفصحى، لكنكم تحاولون حين ترون أجنبيًا يتحدث معكم بها، وهذا جيد، لكنه غير كافٍ لتعلم القواعد لأن الجميع يرتكب الأخطاء، أنتَ تعلم، نعم، يبدو أنّ الباص لن ينطلق أبدًا، هل تعرف لماذا أحبّ العربية؟ أحبها لأنها صعبة لكنها في الوقت نفسه سهلة، كلمات كثيرة جدًا، ويمكن أن تعبث بالجملة فتغير الترتيب، نعم، لا يمكن هذا في لغتنا، لأن هناك ترتيبًا محدودًا وواضحًا للجملة، هذا أحيانًا يكون، لا أعرف ما الكلمة، آه، قيدًا؟ حاجزًا، لا لا، نعم، قيدًا على الجملة، لأنها يجب أن تكون بترتيب معين وإلا سيختلف المعنى، لاحظت أنّني يمكن في العربية أن أقول كلمات كثيرة غير مرتبة أبدًا وليست جملة أصلًا وتفهمون، عادي، حتى سائق التاكسي يفهم كلّ شيء دائمًا، وصاحب البيت حين يطلب الإيجار يتحدث معي بنفس الطريقة التي أتحدث بها، مع أنّني كنت في البداية أتحدث بلغة ركيكة، لكنه يحاول معي، يقول لي: "هبيبي.. مصاري!" هاها، يظنني هنديًا، الشعب هنا طيّب وكريم، نعم، عندكم مرونة، هل هي كلمة صحيحة؟ هههه نعم، مرونة، غريب لأنني كنت منذ زمن أسمع أن الشعب الأردني شعب عصبي وغاضب دائمًا، هذا ليس صحيحًا، هل تعرف؟ أي شخص يجلس في المواصلات لهذه المدة في الحر سيصبح شخصًا غاضبًا، حتى لو كان أمريكيًا أو فرنسيًا أو غير ذلك، نعم، هذا شيء عادي، ومع ذلك فأنتم أشخاص طيبون وبسطاء وتحبون الغرباء، وتحبون المساعدة، صحيح، هناك الكثيرون يسخرون ويستغلون الغرباء، لكن هذا جيّد، لأننا نصبح أصدقاء في النهاية.. يبدو أنّ الباص سينطلق، هذا جيّد لكي أكف عن الثرثرة فقد آلمكَ رأسك ويبدو أنّك بحاجة للنوم، هههه، هل يؤلمك رأسك؟ كنت اليوم في الصيدليّة، احتجت حبوبًا للمغص، لكن الصيدلي لم يرض أن يبيع لي الدواء إلا بوصفة من الطبيب، لا أفهم ما المشكلة، فهي في النهاية حبوب مغص وليست حشيش، في النهاية قالت لي فتاة جميلة بجانبي: اشرب ميرمية، وضحكت، وقد ظننتها تسخر مني، لكنها كانت جادة، وقالت لي الميرمية أحسنلك، سألتها من أين يمكن أن أشتري ميرمية هذه، فتطوعت أن تشتري لي من الكشك في الجامعة عند كلية الآداب، لن تصدقني، لقد اشتغلت الميرمية، وبعد ساعات انتهى المغص، ولكنني كنت سعيدًا أكثر بالفتاة الجميلة.. هل تعرف؟ الفتيات هنا جميلات، بسم الله، يبدو أنه مطبّ، يبدو أن السائق قال كلمة سيئة؟ هههه لقد تعلمت كل الكلمات السيئة تقريبًا، لكن هذا جيد فكل لغةٍ تتعلمها لن تكون قد تعلمتها تمامًا إذا لم تتعلم الشتائم الخاصة بها، المهم، الفتيات جميلات ومختلفات كثيرًا، لكنهم يضعون كثيرًا من المكياج، كثير، وهم مرحون ويحبون الحديث معي، هناك دكتور في الجامعة يحب الفتيات كثيرًا، لكنه يقول دائمًا إنهم مظلومون ومساكين والجميع يأخذ حقوقهم، ربما يقول هذا لكي تحبه الفتيات، هاها، لا بأس هو يستحق ذلك، بيني وبينك لم أحبه منذ البداية، نعم، ومحجباتٌ كثيرون في هذه الجامعة، لاحظت ذلك في الأردن كلها، لكن هذه ليست مشكلة، في الحقيقة هو شيء جيد، بيني وبينك لو تلبس الفتاة غير الجميلة الحجاب فهو أفضل لها، هههه، أنا آسف يبدو أنها مزحة ثقيلة، هل أثرثر كثيرًا؟ شكرًا لك، أنت أيضًا حديثك جميل، مع أنك لا تتحدث كثيرًا.. قبل يومين تحدثت مع شاب يدرس الطب، تخيل أنه في السنة التاسعة في هذه الجامعة، لقد ظننته يسخر مني، لكنه كان جادًا وقال لي: الطبّ صعب، وقد غير التخصص أكثر من مرة ثم عاد للطب ورسب في مواد، قلت له لماذا تدرسه إذا كان صعبًا عليك؟ قال لي هذا هو التخصص الذي له شغل، وهذا ما يريده أبوه، هذا غريب، يجب أن يكون هناك شغل لكل التخصصات، لكن لا بأس، هل تعرف؟ لقد كانت روحه جميلة مع ذلك ويضحك، وكان يقرأ كتابًا لنيتشه، تخيل! نيتشه يا رجل هههه لقد كان مثقفًا، يبدو أنه يحاول أن ينسى آلام الطب، وقال لي أيضًا إنه مشترك في مجلس الطلبة، برلمان؟ اتحاد اتحاد، نعم هذه هي الكلمة، كنت أريد أن أقول له هذا هو السبب الذي يجعلك ترسب في المواد فأنت تركز في الطب ونيتشه والاتحاد في وقت واحد، لكنني لم أحب أن أكون ثقيل الدم معه، ويبدو أن هذا الاتحاد شيء مهم في الجامعة وربما أهم من الدراسة، هل تتذكر قبل سنة حين حصلت مشكلة كبيرة جدًا بسبب هذا البرلمان؟ شيء مخيف يا رجل! لقد كنت هناك عند كلية التربية، وكان هناك رجل يركض خلف رجل آخر ومعه سكين، وكانوا يصرخون بأسماء العائلات بدون الاسم الأول، عرفت هذا لأنني سمعت اسم عائلة أعرفه، هذا ليس مهمًا، وربما هو شيء جيد، لأنكم تحافظون على القبائل، القبائل؟ هل هذه كلمة صحيحة؟ نعم لقد تعلمتها حين درسنا الشعر الجاهلي والقديم، لكنه ليس جيدًا أن يركض رجل بسكين داخل الجامعة حتى لو كان من أجل شرف العائلة.. يبدو أنّ الطريق مزدحم، هل وصلت؟ وصلت؟ هذا جيد لك، لقد كان حديثًا جيدًا معك، شكرًا يا رجل، أهلًا، اسمع، فقط قل لي اسمك قبل أن تذهب؟ ماذا؟ اسمك حمار اللي قعدت جنبي؟ أهلًا وسهلًا...

Commentaires


© 2024 by Mariam Safadi. 

bottom of page