top of page
Leaves Shadows

أنا أُحيي وأُميت

  • Writer: مريم الصّفدي
    مريم الصّفدي
  • Feb 13, 2024
  • 2 min read

Updated: Mar 29, 2024

"... إذ قال إبراهيمُ ربّيَ الذي يُحيي ويُميت، قالَ (أنا) أحيُي وأميت، قال إبراهيم فإن اللهَ يأتي بالشمسِ من المشرقِ فأتِ بها من المغرب.."

 ما أشبهَ عقليّة مجرمِ اليوم بنمرودِ الأمس، وبمجرم الأزمنة كلّها.

ينحصرُ أفقه في قدرته الآنية فيظنّ أنه تجاوزَ بلحظيّة هذه القدرة سننَ الكونِ وموازينَه، وأحكمَ عليها قبضته وقدرتَه.


(أنا) أحيي وأميت، أنا أقصف هذهِ المنطقةَ وأدعُ تلك، أنا أحرّك البشرَ كالدّمى في أرضٍ بسطتُ عليها سلطتي الزائفةَ فأحييهم لحظةً ثمّ أميتهم أخرى، أنا أجوّعهم، أمنع الداخلَ إليهم وأحبسُ الخارجَ منهم، وأعرّيهم، أكبّل أياديهم وأعصب عيونهم وأربط أطرافهم وأشبَحُها في حبالٍ وسلاسلَ تمتدّ امتدادَ ظنّي بنفسي وبجبروتي، أنا أثكّلهم وأرمّلهم وأيتّمهم وأذيقهم صنوفَ العذاب مما تشتهي نفسي وجماعتيَ الضالّةُ المريضة. أنا أحرّكُ قطعَ الشطرنجِ في الرقعة، أتلاعبُ بالقوى فأقيمُ الليل وأُقعدُ النّهار في مربعٍ ما ثمّ أضعُ القطعَ الأخرى في سباتٍ طويلٍ مليءٍ بالهراء والغفلة عمّا يجري على بُعد مربّعين منهُ في الرّقعة.


أنا أعطي وأمنع، أكذب فأُصدَّق، وأكونُ فأملكُ كلَّ شيء.


بهذا الفهم تُحكم الأرضُ اليومَ ومنذ الأزل. يظنُّ الطاغيةُ أنه أمسكَ بزمام الأمرِ بينَ السماء والأرض، ونظنّ ذلكَ معهُ في لحظةٍ من انفكاكٍ في رباطِ عقيدةٍ قديمة. (ربيَ) الذي يُحيي ويميت. وإن كانت كل الإشاراتِ دالّةً على سلطةِ البشريّ السليط بيدهِ المتطاولةِ إلى سماواتِ القدر، ذاك البشريّ القاصرُ إذ يتطاولُ فيُفسد فيها ويسفكُ الدماء، يُميت ثم لا يُحيي، ويُفسد ثمّ لا يُصلح، ويحكمُ فلا يعدل ولا يُقيم ميزانًا ولا قسطًا. سكرةُ القوةِ تُذهب لبّه فتمشي به بعيدًا وتسحقُ معه إيمانَ من ليس له إيمانُ إبراهيم. يَنسى ربّهُ فيقول: هذا النمرودُ يُحيينا ويُميتنا. وربّه هناكَ فوق هذه الأرض، فوق هذه الرقعة أو تلك، يأتي بالشمسِ كلّ صباحٍ من مشرقٍ مُتعَب، يأتي بها كلّ نهارٍ رغمَ كلِّ شيءٍ ورغمَ أنفِ الظالمِ العنيد الذي يريدُ أن يغيّبَها فتُعجزه.


فلتأتوا بهذه الشمسِ الإلهية المُعجزةِ من المغربِ أيها الأوغاد.

فلتأتوا بها من غربِكم المظلمِ الظالمِ القاتم. وموعدكم مع إبراهيمَ أن يأتيَ ربُّه بها من هناكَ فيبهتكُم في يومٍ أخير.


***

 

Comentarios


© 2024 by Mariam Safadi. 

bottom of page