top of page
Leaves Shadows

هل يعرفون؟

  • Writer: مريم الصّفدي
    مريم الصّفدي
  • Feb 1, 2024
  • 2 min read

Updated: Feb 7, 2024

في معنى الحرب..

دائمًا ما تكون الحرب فكرةً في رؤوسِ الأغنياء والمتنفّذين، وقدرًا ومصيرًا للفقراء والمقهورين.

لم تكن فكرةُ "الحرب" يومًا مشكلةً في أذهان الرؤساء وأصحاب السلطة؛ إنّهم يجلسون في مكاتبهم الرئاسية وقصورهم الملكيّة؛ ليمارسوا صراعاتهم وأطماعهم وترفهم الفكري والسياسيّ، ويقرّروا على عتباته مصائر ملايين من الناس، ويتفرّجوا..


الناس يتساقطون كالدّموع موتى.

ليست تلك الأجساد والجثث والأرواح التي تتكوّم فوق بعضها -في نظر أولئك- سوى كتلٍ لحميّة ستنهشها صواريخهم، وإلا فمن ستؤذي؟، وليسوا إلا "نتائجَ" حرب، نتائج حتميّة بدهيّةٌ لقرار القتال.

أرقامٌ تتزايد على عدادٍ من الدم والتخريب والبطشِ يكادُ ينفجر لفرط ما عدّ.


الأرضُ تُخسف، والسماوات تتهاوى، الأرواحُ مكلومةٌ موجَعة، وأشعة الشمس التي كانت تغمر الأمكنة في الصباحات القديمة الدافئة باتَ يحجبها غبار التفجيرِ ونقعُ التهدّم. ضبابٌ كثيفٌ بشعٌ يغطّي الصورة، ويبتلع أصغر بصيصٍ من أملٍ أو حياة.

هل تدركون كم هو سخيفٌ أن تكون حياة كل هذه الملايين من البشر، أحلامهم، آمالهم، ذكرياتهم، أُسرهم، تفاصيلهم، موقوفةً على "قرارٍ" بالحرب؟


ماذا يعرف هؤلاء الجبابرة عن الحرب؟

ماذا يعرفون عن وحشة الرحيل وقهر الموت؟ ماذا يعرفون عن ارتجاف الأطرافِ في زوايا الخيام، وجفاف الأفواه والأرواح من الظمأ والجوع؟ عن عتمةِ الطريق، وبُعد الشُّقة، وحلكةِ ليالي اليتمِ والحرمان؟ ماذا يعرفون عن الأنفاس التي تتعالى فوق الألمِ، فيخنقها تحته؟ عن أجسادٍ ترتجف. كلُّ شيءٍ يجعلها ترتجف: البردُ في قاربِ نزوح، والألمُ فوق سرير مشفىً محطم، والبكاءُ فوق ركامِ بيوتٍ فيها بقايا أطفالٍ وأزواجٍ وآباء؟ ماذا يعرفون عن فؤاد أمّ موسى إذ أصبح فارغًا، وعيني يعقوبَ اللتين ابيضّتا من الحزن، وأيّوبَ الذي أضنى جسده المرضُ والضرّ؟ ماذا يعرفون عن الرعب والهرب واليأسِ ومرارة الفقد؟


ماذا يعرفون؟

الأرضُ تبكي وتشهق، والسماوات ترتجف، وخيوط الشمس حلّ مكانها وهج التفجيرات ولهب الحرائق..

والنّاس تنتظر.. تنتظر القيامةَ أملًا أخيرًا، ليأتيَ فيأتي على كل هذا الخراب والظلم والأسى..


ماذا يعرفون؟

هل يعرفون؟


***

 
 
 

Comments


© 2024 by Mariam Safadi. 

bottom of page